إن المحكمة الدستورية،
– بناء على الدستور
– وبمقتضى القانون العضوي رقم 22-19 المؤرخ في 26 ذي الحجة عام 1443 الموافق 25 يوليو سنة 2022 الذي يحدد إجراءات وكيفيات الإخطار والإحالة المتبعة أمام المحكمة الدستورية،
– وبمقتضى النظام المحدد لقواعد عمل المحكمة الدستورية المؤرخ في 9 صفر عام 1444 الموافق 5 سبتمبر سنة 2022
– وبمقتضى النظام الداخلي للمحكمة الدستورية المؤرخ في 10 صفر عام 1444 الموافق 6 سبتمبر سنة 2022،
– وبمقتضى القانون رقم 08- 09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، المعدل والمتمم،
– وبناء على قرار الإحالة الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ 6 مارس سنة 2023، تحت رقم 2023/00001، فهرس رقم 2023/00002، والمسجل لدى أمانة ضبط المحكمة الدستورية بتاريخ 14 مارس سنة 2023، تحت رقم 2023/01/ د ع د، والمتضمن الدفع بعدم دستورية المادة 643 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية والمثار من طرف الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط مديرية شبكة بجاية 800 ، ممثلا من طرف مديره بواسطة الأستاذ (ع ح)، محام معتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة، ضد المدعى عليهم في الدفع، الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء وكالة بجاية، ممثلاً بمديره، والشركة ذات المسؤولية المحدودة كابري تور، ممثلة. بمديرها، بحضور المحضر القضائي الأستاذ (ع. س)، وكذا الشركة ذات المسؤولية المحدودة مكتب الهندسة بأي لقلاق، ممثلة من طرف مديرها، مدخلة في الخصام،
– وبناء على الإشعارات المرسلة إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، والوزير الأول، بتاريخ 15 مارس سنة 2023،
– وبناء على الإشعارات المرسلة إلى الأطراف بتاريخ 15 مارس سنة 2023، عن طريق النائب العام لدى مجلس قضاء بجاية،
– وبعد الاطلاع على الملاحظات المكتوبة المقدمة من قبل السلطات والأطراف، حول الدفع بعدم دستورية المادة 643 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية،
– وبعد الاستماع إلى العضوين المقررين في تلاوة تقريرهما المكتوب في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 12 يوليو سنة 2023،
– وبعد الاستماع إلى الملاحظات الشفوية لممثل الحكومة في نفس الجلسة، مع تسجيل غياب الأطراف،
– وبعد المداولة
من حيث الإجراءات :
– حيث أن المدعي في الدفع، الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط، مديرية شبكة بجاية 800، الممثل من طرف مديره والقائم في حقه الأستاذ ( ع ح)، أثار دفعا بعدم دستورية المادة 643 من قانون الاجراءات المدنية والإدارية، في اشتراطها رفع دعوى إبطال أي إجراء من إجراءات الحجز والتنفيذ خلال شهر من تاريخ الإجراء، وإلاّ سقط حقه في ذلك، تكون بذلك قد خرقت مبدأ الوجاهية في الدفاع، والذي يتطلب إبلاغ الطرف الآخر بجميع الإجراءات المباشرة ضد المحجوز عليه حتى يتمكن من ممارسة حقه في الدفاع لمخالفتها للدستور، كونها تنتهك مبادئ المساواة والوجاهية والحق في الدفاع، المكفولة بموجب المواد 34 و 165 و 175 من الدستور، والتي تعتبر من أهم معايير المحاكمة العادلة، ومن ثمة فهي غير دستورية،
– حيث أن محكمة بجاية، القسم الاستعجالي، أثناء نظرها في الدعوى المرفوعة من طرف المدعي في الدفع بتاريخ 30 سبتمبر سنة ،2021 بواسطة الأستاذين (ب. م) و(ع. ح) والتي التمس من خلالها إلغاء أمر قيد الدائن وبقية الدائنين، الصادر عن محكمة بجاية بتاريخ 24 فبراير سنة 2021، تحت رقم 21/423، فهرس رقم 21/551، وكل ما ترتب عليه من آثار،
– حيث أن المدعي في الدفع أكد أنه أبرم اتفاقية قرض مع المدعى عليها، الشركة ذات المسؤولية المحدودة، مكتب الدراسات والهندسة باي لقلاق، إلاّ أن هذا الأخير لم يلتزم ببنودها، مما دفع بالمدعي إلى مباشرة إجراءات الحجز وبيع العقار المرهون بالمزاد العلني، حيث قامت المدعى عليها بدفع مبلغ الدين المتبقي اتجاه المدعي بإيداعه لدى المحضر القضائي، الأستاذ (ع.س) ، إلاّ أن هذا الأخير، وبدل تحويل المبلغ المسدد لفائدة المدعي، قام بطلب إصدار أمر بقيد الدائنين الحاجزين على العقار بالمحافظة العقارية، لفائدة الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، وكالة بجاية، في حين أن المدعي باشر إجراءات التنفيذ ضد الشركة ذات المسؤولية المحدودة، مكتب الدراسات والهندسة باي لقلاق، فصدر أمر بتاريخ 9 نوفمبر سنة 2021 تحت رقم 21/4663، يقضي برفض الدعوى لعدم التأسيس، وكان محل استئناف من المدعي أمام الغرفة الاستعجالية بمجلس قضاء بجاية، وانتهى بصدور قرار بتاريخ 2 جانفي سنة 2022، تحت رقم 21/3451، يقضي بإلغاء الأمر المستأنف والقضاء من جديد بعدم قبول الدعوى الأصلية شكلا، لرفعها خارج الآجال، طبقا للمادة 643 والتي تنص على أنه “إذا كان إجراء من إجراءات التنفيذ أو الحجز، قابلا للإبطال، يجوز للمحجوز عليه، أو لكل ذي مصلحة، أن يطلب بدعوى استعجالية ضد الحاجز والمحضر القضائي، الحكم ببطلان الإجراء وزوال ما ترتب عليه من آثار، وذلك خلال أجل شهر واحد (1) من تاريخ الإجراء، وإلاّ سقط الحق في طلب الإبطال واعتبر صحيحاً “،
– حيث أنه بتاريخ 13 مارس سنة 2023، وبمناسبة طعنه بالنّقض أمام المحكمة العليا، ضد القرار الصادر عن مجلس قضاء بجاية، الغرفة الاستعجالية، تقدّم المدعي في الدفع بمذكرة مكتوبة ومنفصلة يدفع من خلالها بعدم دستورية المادة 643 من القانون رقم 08-09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، المعدل والمتمم، لمساسها بمبادئ الشّرعية والمساواة والوجاهية وحق الدفاع المنصوص عليها في أحكام المواد 34 و37 و165 و175 من الدستور،
– حيث أنه بتاريخ 6 مارس سنة 2023، قضت المحكمة العليا بإحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية، التي توصلت به بتاريخ 14 مارس سنة 2023، وسُجِّلَ لدى أمانة الضبط تحت رقم 23/01 د ع د،
– حيث أن رئيس المحكمة الدستورية أشعر كلاّ من السلطات المعنية قانونا والأطراف المذكورة أعلاه،
– حيث أن رئيس مجلس الأمة أشار في ملاحظاته المكتوبة المودعة لدى أمانة ضبط المحكمة الدستورية بتاريخ 3 أبريل سنة 2023، إلى أن المادة 643 تخالف مبادئ الوجاهية والمساواة أمام القضاء والحق في الدفاع المكرسة دستوريا،
– حيث أن رئيس المجلس الشعبي الوطني أكد في ملاحظاته المكتوبة المودعة لدى أمانة ضبط المحكمة الدستورية بتاريخ 2 أبريل سنة 2023، أن المادة 643 تتعارض مع أحكام المادة 175 من الدستور،
– حيث أن الوزير الأول أكد في ملاحظاته المكتوبة المودعة لدى أمانة ضبط المحكمة الدستورية، بتاريخ 2 أبريل سنة 2023، أن المادة 643 لا تتعارض مع أحكام الدستور لعدم مساسها بحق الدفاع والمساواة بين المتقاضين، وتضمن الأمن القانوني للأشخاص واستقرار الإجراءات والمراكز القانونية وتنفيذ السندات التنفيذية الاستعجالية،
– حيث أن المدعى عليها في الدفع أكدت في ملاحظاتها المكتوبة المودعة لدى أمانة ضبط المحكمة الدستورية بتاريخ 30 مارس سنة 2023، بواسطة الأستاذة (ع.ف)، محامية معتمدة لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة أن المادة 643 لا تتعارض مع الدستور، لاسيما المادتان 175 و 176 منه،
من حيث الموضوع :
– حيث أن المدعي في الدفع يزعم أن المادة 643 غير دستورية لمساسها بالحقوق والحريات التي يكفلها الدستور، لا سيما المواد 34 و 165 و 175 منه،
– حيث أن الدستور ينص في ديباجته على أنه ” (…) هو القانون الأساسي الذي يضمن الحقوق والحريات الفردية والجماعية (…) ويكفل (…) ضمان الأمن القانوني (…)”.
– حيث أن المادة 165 (الفقرة الأولى) من الدستور تنص على أنه ” يقوم القضاء على أساس مبادئ الشرعية والمساواة”،
– حيث أن المادة 178 من الدستور تنص على أن ” كل أجهزة الدولة المختصة مطالبة في كل وقت وفي كل مكان وفي جميع الظروف، بالسهر على تنفيذ أحكام القضاء”.
– حيث أن المادة 643 لا تتعلق بالموضوع بل فقط بإجراءات التنفيذ أو الحجز، بعد أن تكون الخصومة القضائية قد استنفدت كل طرق الطعن، و مُكِّن الأطراف أثناء سيرها، وفق معايير المحاكمة العادلة، من حق الدفاع ومبدأ الوجاهية، مما يضمن معه الأمن القانوني واستقرار إجراءات الخصومة التنفيذية،
– حيث أن اشتراط التبليغ لإجراء القيد يتعارض مع المبادئ التي يقوم عليها القضاء الاستعجالي،
– وبالنتيجة، وبعد الاطلاع على الديباجة ونص المواد 34 و165 و175 من الدستور، فإن المادة 643 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية لا تمس بمبدأ الوجاهية وحق الدفاع والمساواة أمام القضاء، مما يتعين معه التصريح بدستوريتها.
لهذه الأسباب :
تقرر ما يأتي :
أولا : التصريح بدستورية المادة 643 من القانون رقم 08-09 المؤرخ في 18 صفر عام 1429 الموافق 25 فبراير سنة 2008 والمتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، المعدل والمتمم،
ثانيا : يعلم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول بهذا القرار.
ثالثا : يبلغ هذا القرار إلى الرئيس الأول للمحكمة العليا.
رابعا : ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
بهذا تداولت المحكمة الدستورية في جلساتها المنعقدة بتاريخ 10 و12 شوّال و2 و21 و24 ذي الحجة عام 1444 الموافق 30 أبريل و2 مايو و20 يونيو و9 و12 يوليو سنة 2023.
رئيس المحكمة الدستورية
عمر بلحاج
– ليلى عسلاوي، عضوا،
– بحري سعد الله، عضوا،
– مصباح مناس، عضوا،
– جيلالي ميلودي، عضوا،
– أمال الدين بولنوار عضوا،
– فتيحة بن عبو، عضوا،
– عباس عمار، عضوا،
– عبد الحفيظ أسوكين، عضوا،
– عمار بوضياف، عضوا،
– محمد بوطرفاس، عضوا،