إن المحكمة الدستورية،
– بناء على قرار الإحالة من المحكمة العليا بتاريخ 3 جانفي سنة 2022، تحت رقم الفهرس 22/00001، والمسجل لدى كتابة ضبط المحكمة الدستورية بتاريخ 9 جانفي سنة 2022 تحت رقم 2022 – 01/ دع د والمتعلق بدفع أثاره الأستاذ (ب.ز) محام معتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة والأستاذ (ع. و) محام معتمد لدى المجلس القضائي في حق الشركة ذات المسؤولية المحدودة المسمّاة “السلام إلكترونيك”، الممثلة من طرف مسيرها، واللذين ادعيا بموجبها عدم دستورية المادة 73-4 من القانون رقم 90-11 المؤرخ في 26 رمضان عام 1410 الموافق 21 أبريل سنة 1990 والمتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم بموجب الأمر رقم 96-21، وكذا المادتين 21 و22 من القانون رقم 90-04 والمتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل،
– وبناء على الدستور، لا سيما المواد 165 (الفقرة الأخيرة) و195 و 198 (الفقرتان 4 و 5) و 225 منه،
– و بمقتضى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد بموجب قرار الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة المؤرخ في 16 ديسمبر سنة 1966، الذي تم الانضمام إليه بموجب المرسوم الرئاسي رقم 89-67 المؤرخ في 11 شوال عام 1409 الموافق 16 مايو سنة 1989،
– و بمقتضى القانون العضوي رقم 18-16 المؤرخ في 22 ذي الحجة عام 1439 الموافق 2 سبتمبر سنة 2018 الذي يحدد شروط وكيفيات تطبيق الدفع بعدم الدستورية،
– و بمقتضى القانون رقم 90-04 المؤرخ في 10 رجب عام 1410 الموافق 6 فبراير سنة 1990 والمتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل،
– و بمقتضى القانون رقم 90-11 المؤرخ في 26 رمضان عام 1410 الموافق 21 أبريل سنة 1990 والمتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم،
– و بمقتضى المداولة المؤرخة في 23 ربيع الثاني عام 1443 الموافق 28 نوفمبر سنة 2021 والمتعلقة بقواعد عمل المحكمة الدستورية في مجال الدفع بعدم الدستورية، والمتضمنة العمل بالبابين الثاني والثالث من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المؤرخ في 7 رمضان عام 1440 الموافق 12 مايو سنة 2019، المعدل والمتمم،
– وبناء على قرار المحكمة الدستورية رقم 01/ق. م د/دع د/22 المؤرخ في 23 جمادی الثانية عام 1443 الموافق 26 جانفي سنة 2022 والمتضمن التصريح بدستورية المادة 73-4 من القانون رقم 90-11 المؤرخ في 26 رمضان عام 1410 الموافق 21 أبريل سنة 1990 والمتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم،
– وبناء على الإشعار المرسل إلى رئيس الجمهورية، والإشعار المرسل إلى رئيس مجلس الأمة، والإشعار المرسل إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني، والإشعار المرسل إلى الوزير الأول والنائب العام لدى المحكمة العليا، وإلى الأطراف بتاريخ 13 جانفي سنة 2022،
– وبعد الاطلاع على الملاحظات المكتوبة المقدمة من طرف رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة والوزير الأول والنائب العام لدى المحكمة العليا،
– وبعد الاطلاع على الملاحظات المكتوبة المقدمة من طرف الشركة المدنية المهنية للمحاماة للأستاذين (ب.ز) محامي معتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة، والأستاذ (ع. و) محام معتمد لدى المجلس القضائي، في حق الشركة ذات المسؤولية المحدودة المسماة “السلام إلكترونيك” الممثلة من طرف مسيرها، وتلتمس بموجبها التصريح بعدم دستورية المادة 73-4 من القانون رقم 90-11 المؤرخ في 21 أبريل سنة 1990 والمتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم، والمادتين 21 و22 من القانون رقم 90-04 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل، مؤكدة أنها جاءت مخالفة لنصوص المواد 34 و 35 و165 (الفقرة الأخيرة) من الدستور،
– وبعد الاستماع إلى العضو المقرر السيدة ليلى عسلاوي في تلاوة تقريرها المكتوب، بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 23 مارس سنة 2022،
– وبعد الاستماع إلى الملاحظات الشفوية في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 23 مارس سنة 2022 للأستاذ (ب.ز) في حق الشركة ذات المسؤولية المحدودة المسمّاة “السلام إلكترونيك”، والذي تمسك من خلالها بعدم دستورية المادة 73-4 من القانون رقم 90-11 المؤرخ في 26 رمضان عام 1410 الموافق 21 أبريل سنة 1990 والمتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم، والمادتين 21 و22 من القانون رقم 90-04 والمتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل،
– وبعد الاستماع إلى الملاحظات الشفوية لممثل الحكومة، والذي تمسك بموجبها بدستورية الأحكام التشريعية المذكورة أعلاه،
– وبعد المداولة،
من حيث الإجراءات :
– حيث أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة المسماة “السلام إلكترونيك”، الممثلة من طرف مسيرها والقائمة في حقها الشركة المدنية المهنية للمحاماة للأستاذین (ب.ز) محام معتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة، والأستاذ (ع. و) محام معتمد لدى المجلس القضائي، ودفعت بعدم دستورية كل من : المادة 73-4 من القانون رقم 90-11 المؤرخ في 26 رمضان عام 1410 الموافق 21 أبريل سنة 1990 والمتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم، والتي تنص على أنه : “إذا وقع تسريح العامل مخالفة للإجراءات القانونية و/أو الاتفاقية الملزمة، تلغي المحكمة المختصة ابتدائيا ونهائيا قرار التسريح بسبب عدم احترام الإجراءات، وتلزم المستخدم بالقيام بالإجراء المعمول به، وتمنح العامل تعويضا ماليا على نفقة المستخدم، لا يقل عن الأجر الذي يتقاضاه كما لو استمر في عمله.
وإذا حدث تسريح العامل خرقا لأحكام المادة 73 أعلاه، يعتبر تعسفيا. وتفصل المحكمة المختصة ابتدائيا ونهائيا إما بإعادة إدماج العامل في المؤسسة مع الاحتفاظ بامتيازاته المكتسبة أو، في حالة رفض أحد الطرفين، يمنح العامل تعويضا ماليا لا يقل عن الأجر الذي يتقاضاه العامل عن مدة ستة (6) أشهر من العمل، دون الإخلال بالتعويضات المحتملة.
يكون الحكم الصادر في هذا المجال قابلا للطعن بالنقض”.
والمادة 21 من القانون رقم 90-04 المؤرخ في 10 رجب عام 1410 الموافق 6 فبراير سنة 1990 والمتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل التي تنص على أنه “باستثناء الاختصاص الأصلي، تبت المحاكم عند النظر في المسائل الاجتماعية ابتدائيا ونهائيا عندما تتعلق الدعوى أساسا :
– بإلغاء العقوبات التأديبية التي قررها المستخدم ضد المدّعي دون تطبيق الإجراءات التأديبية و/ أو الاتفاقيات الإجبارية،
– بتسليم شهادات العمل وكشوفات الرواتب أو الوثائق الأخرى المنصوص عليها قانونا لإثبات النشاط المهني للمدّعي”،
وكذا المادة 22 من نفس القانون والتي تنص على أنه :
“تكون الأحكام القضائية المتعلقة بالمسائل التالية محل تنفيذ مؤقت بقوة القانون :
– تطبيق أو تفسير اتفاقية أو اتفاق جماعي للعمل،
– تطبيق أو تفسير كل اتفاق مبرم في إطار الإجراءات الخاصة بالمصالحة أمام مكتب المصالحة
– دفع الرواتب والتعويضات الخاصة بالأشهر (6) الستة الأخيرة.
كما يمكن المحكمة، عند النظر في المسائل الاجتماعية، أن تنطق بالتنفيذ المؤقت دون كفالة فيما بعد (6) ستة أشهر“.
– حيث أن محكمة الدار البيضاء، القسم الاجتماعي، عند فصلها في النزاع الذي كان قائما بين كل من الشركة ذات المسؤولية المحدودة المسماة “السلام إلكترونيك”، الممثلة من طرف مسيّرها، والمدعو (ب. ج) الذي كان متعاقدا كسائق مع الشركة المذكورة، قضت بإلغاء قرار التسريح وإلزام المدعي عليها بأدائها للمدّعى مبلغ مائة ألف ( 100.000دج) تعويضا عن التسريح التعسفي،
– حيث أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة المسمّاة “السلام إلكترونيك”، وخلال الطعن بالاستئناف المسجل أمام مجلس قضاء الجزائر تحت رقم2021/05 ، قدمت بتاريخ 20 يونيو سنة 2021، بواسطة الشركة المدنية المهنية للمحاماة للأستاذين (ب.ز) و(ع. و)، مذكرة دفع مكتوبة ومنفصلة، ملتمسة إرجاء الفصل في القضية وإحالة الدفع إلى المحكمة العليا، مثيرة عدم دستورية المادة 73-4 من القانون رقم 90-11 المؤرخ في 26 رمضان عام 1410 الموافق 21 أبريل سنة 1990 والمتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم، والمادتين 21 و22 من القانون رقم 90-04 المؤرخ في 6 فبراير سنة 1990 المتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل، لتعارضها مع نصوص المادتين 34 و165 (الفقرة الأخيرة) من الدستور، مشيرة إلى أنها قد میزت بین المتقاضين في ممارسة حق التقاضي على درجتين وهو مالا يتماشى مع ما کرسة الدستور،
– حيث أنه وبتاريخ 3 جانفي سنة 2022، قررت المحكمة العليا إحالة الدفع المثار من طرف الشركة ذات المسؤولية المحدودة المسماة “السلام إلكترونيك” على المحكمة الدستورية،
– حيث تلقت المحكمة الدستورية قرار الإحالة الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ 3 جانفي سنة 2022 تحت رقم الفهرس 2022/00001، وتم تسجيله لدى كتابة الضبط بتاريخ 9جانفي سنة 2022 تحت رقم 2022-01 / د ع د،
– حيث أن رئيس المحكمة الدستورية أشعر بموجب إرسال مؤرخ في 13 جانفي سنة 2022، كلا من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول، وكذا الأطراف بقرار الإحالة المذكور أعلاه بنفس التاريخ، محددا تاريخ 6 فبراير سنة 2022 كآخر أجل لتقديم ملاحظاتهم،
– حيث أن رئيس مجلس الأمة أشار في ملاحظاته المكتوبة أن الدفع بعدم دستورية المادة 73-4 مردود عليه لسبق الفصل فيه مما يتعين رفضه، وأن الدفع بعدم الدستورية المثار بشأن المادة 21 من القانون رقم 90-04، فاقد الأساس وواهي السند، الأمر الذي يتعين معه رفضه لعدم التأسيس، وبخصوص الدفع بعدم دستورية المادة 22 من القانون رقم 90-04، فإنه غير صائب ويستلزم صرف النظر عنه أصلا بسبب عدم المطابقة مع موضوع الدفع بعدم الدستورية،
– حيث أن النائب العام لدى المحكمة العليا، أكد في ملاحظاته المكتوبة أن الأحكام الصادرة عن المحكمة الابتدائية في مسائل منازعات العمل تصدر ابتدائيا ونهائيا، في حين أن المادة 165 من الدستور تعطي الحق في التقاضي على درجتين، ويكون بذلك المشرع قد ميز بين المتقاضين في ممارسة حق التقاضي على درجتين في نص المادة 73-4 من القانون رقم 90-11 والمتعلق بعلاقات العمل، ونص المادة 21 من القانون رقم 90-04 والمذكور أعلاه، وهو ما لا يتماشى مع ما کرّسته المادة 165 من الدستور، وتماشيا مع مبدأ المساواة الذي يضمنه الدستور لكل المواطنين أمام القانون والقضاء، وطبقا للمادتين 37 و 165 (الفقرة الأخيرة) منه، فإنه من غير العدل والإنصاف أن يقيد المشرّع حق الأطراف في استئناف الأحكام الفاصلة في منازعات العمل، و عليه فإنه يرى بأن المادتين 73-4 و 21 المذكورتين أعلاه تتعارضان مع المادة 165 (الفقرة الأخيرة) من الدستور،
– حيث أن رئيس المجلس الشعبي الوطني أشار في ملاحظاته المكتوبة أن مبدأ المساواة أمام القانون الذي تضمنته المادة 37 من الدستور والذي اعتمده المدعون لتبرير الدفع بعدم الدستورية لا يمكن التحجج به لزعم وجود مساواة بين جميع فئات المجتمع، لا سيما بين فئة العمال وأرباب العمل إذ من حق المشرع أن يضع قيودا على حقوق الفئة الأخيرة ضمانا لحقوق الفئة الأولى و لاستقرار علاقات العمل. وفيما يخص مبدأ التقاضي على درجتين المكرس بموجب المادة 165 (الفقرة الأخيرة) من الدستور، فإن المشرّع، وفي إطار ممارسته لصلاحياته الدستورية لاسيما تلك المنصوص عليها في المادتين 34 و139 من الدستور، وضع قيدا على ممارسة هذا الحق بما يضمن نفاذ حقوق الآخرين (العمال). ومتى كان وضع استثناء معينا بموجب حكم تشريعي على أحد الحقوق المسموح به للمشرع، بموجب أحكام الدستور نفسه، فإن هذا الحكم لاينتهك أي حق من الحقوق التي يضمنها الدستور، خلافا لزعم المدعية المتعلق بعدم دستورية المادة 73-4 من القانون رقم 90-11 والمادة 21 من القانون رقم 90-04 الذي يعد غير مؤسس، ولا ينتهك أي حق من الحقوق التي يضمنها الدستور، وبالنتيجة فإن الحكمين المعترض على دستوريتهما مطابقين للدستور،
– حيث أن الوزير الأول تمسك في ملاحظاته المكتوبة بدستورية المادة 73-04 من القانون رقم 90-11 المذكور أعلاه، مشيرا إلى أن المحكمة الدستورية سبق لها وأن فصلت بدستوريتها في قرارات سابقة، أما بالنسبة للمادة 21 من القانون رقم 90-04 والمذكور أعلاه، فإن الدفع بخرق هذه المادة لمبدأ المساواة أمام القانون يتعارض مع الطبيعة الخاصة لعلاقة العمل الموجودة بين فئتين مختلفتين لهما مركزان قانونیان مختلفان وإنها شرعت لحماية العامل من العقوبات التأديبية التي يقرها المستخدم ضده، مما يجعل منه دفعا غير مؤسس، وأن المؤسس الدستوري لم يقر مبدأ التقاضي على درجتين بشكل مطلق، بل أحال للقانون تحديد شروطه وإجراءاته، مما يستشف إقرار بوجود قيود على هذا الحق تشكل استثناء عن الأصل، ومن بينها ما أقرته المادة محل الدفع. وبالتالي فإن دراسة عدم دستورية المادة 73-4 من القانون رقم 90-11، المعدل والمتمم، والمادة 21 من القانون رقم 90-04 المذكورين أعلاه، ينبغي أن تراعي الطابع الخاص للقانون الذي جاءت في إطاره المادتان المذكورتان والذي يؤكد دستورية هذين الحكمين التشريعيين.
من حيث الموضوع :
– حيث أنه بناء على المداولة المؤرخة في 23 ربيع الثاني عام 1443 الموافق 28 نوفمبر سنة 2021 والمتعلقة بقواعد عمل المحكمة الدستورية في مجال الدفع بعدم الدستورية والمتضمنة العمل بالبابين الثاني والثالث من النظام المحدد القواعد عمل المجلس الدستوري المؤرخ في 7 رمضان عام 1440 الموافق 12 مايو سنة 2019، المعدل والمتمم، التي تنص المادة 29 مكرر منه على أنه : ” إذا سجل المجلس الدستوري، قبل الفصل في الدفع بعدم دستورية الحكم التشريعي أكثر من قرار إحالة يتعلق بالحكم التشريعي نفسه، فإنه يفصل في موضوع الدفع الأول المعروض عليه للنظر فيه. ويفصل في الدفوع اللاحقة المثارة بشأن الحكم التشريعي نفسه، بقرارات بسبق الفصل”،
– حيث أن المحكمة الدستورية سبق لها الفصل بدستورية المادة 73-4 من القانون رقم 90-11 المؤرخ في 26 رمضان عام 1410 الموافق 21 أبريل سنة 1990 والمتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم بموجب الأمر رقم 96-21 المؤرخ في 23 صفر عام 1417 الموافق 9 يوليو سنة 1996، بموجب قرارها رقم 01/ق.م د/ د ع د/ 22 المؤرخ في 23 جمادی الثانية عام 1443 الموافق 26 جانفي سنة 2022، وبالنتيجة، يتعين التصريح بسبق الفصل،
– حيث أن المادة 34 (الفقرة الأولى) من الدستور تنص على أنه “تلزم الأحكام الدستورية ذات الصلة بالحقوق الأساسية والحريات العامة وضماناتها، جميع السلطات والهيئات العمومية”. وتنص المادة 165 (الفقرة الأخيرة) من الدستور أنه “يضمن القانون التقاضي على درجتين، ويحدد شروط وإجراءات تطبيقه”،
– حيث جاء في نص المادة 21 من القانون رقم 90-04 المذكور أعلاه، أنه : “باستثناء الاختصاص الأصلي، تبت المحاكم عند النظر في المسائل الاجتماعية ابتدائيا ونهائيا عندما تتعلق الدعوي أساسا:
– بإلغاء العقوبات التأديبية التي قررها المستخدم ضد المدّعي دون تطبيق الإجراءات التأديبية و/ أو الاتفاقيات الإجبارية
– بتسليم شهادات العمل وكشوفات الرواتب أو الوثائق الأخرى المنصوص عليها قانونا لإثبات النشاط المهني للمدعي”،
– حيث أنه من اختصاص المشرع تحديد شروط وإجراءات التقاضي على درجتين، كما أنه وبناء على ذلك، فقد وضع قيدا على ممارسة هذا الحق بما يضمن نفاذ حقوق الآخرين، ومتى وضع استثناء معينا بموجب حكم تشريعي على أحد الحقوق المسموح به للمشرّع، بموجب أحكام الدستور نفسه ، فإن هذا الحكم لا ينتهك أي حق من الحقوق التي يضمنها الدستور،
– حيث أن نية المشرع بعدم إخضاع الدعاوى المستندة على نص المادة 21 من القانون المذكور أعلاه، لمبدأ التقاضي على درجتين، مرده أساسا تجنيب الأطراف التعسف في الإجراءات القضائية، وأن موضوع هذه الدعاوى لا يستدعي، بأي حال من الأحوال، التمادي في إجراءات التقاضي وهذا من أجل المحافظة على التوازن في علاقة العمل بين المستخدم والعامل وتنظيم علاقة العمل،
– حيث أن الهدف من صياغة هذه المادة هو ضمان حماية العامل من العقوبات التأديبية التي يقررها المستخدم ضده دون تطبيق الإجراءات التأديبية أو الاتفاقيات الجماعية وأن الدفع بخرق مبدأ المساواة يتعارض مع الطبيعة الخاصة لعلاقة العمل لوجود فئتين مختلفتين لهما مركزان قانونیان مختلفين،
– حيث أنه وبالنتيجة، ونظرا لما سبق ذكره، فإن المادة 21 من القانون رقم 90-04 المؤرخ في 10 رجب عام 1410 الموافق 6 فبراير سنة 1990 والمتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل، لا تتعارض مع المواد 34 و 35 و 165 (الفقرة الأخيرة) من الدستور،
– حيث أن مضمون نص المادة 22 من القانون المذكور أعلاه، لا ينطبق مع موضوع الدفع بعدم الدستورية الحالي طالما أن المادة المذكورة تنص على التنفيذ المؤقت بقوة القانون للأحكام الصادرة في المنازعات المتعلقة بالعلاقات الفردية للعمل ولا تتعلق بحق التقاضي على درجتين، ممّا يستوجب صرف النظر عنها.
وعليه، تقرر المحكمة الدستورية ما يأتي :
أولا : التصريح بسبق الفصل في دستورية المادة 73-4 من القانون رقم 90-11 المؤرخ في 26 رمضان عام 1410 الموافق 21 أبريل سنة 1990 والمتعلق بعلاقات العمل، المعدل والمتمم بموجب الأمر رقم 96-21 المؤرخ في 23 صفر عام 1417 الموافق 9 يوليو سنة 1996 وذلك بموجب القرار رقم 01/ق. م د/د ع د/ 22 المؤرخ في 23 جمادی الثانية عام 1443 الموافق 26 جانفي سنة 2022.
ثانيا : التصريح بدستورية المادة 21 من القانون رقم 90-04 المؤرخ في 10 رجب عام 1410 الموافق 6 فبراير سنة 1990 والمتعلق بتسوية النزاعات الفردية في العمل.
ثالثا: يعلم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول بهذا القرار.
رابعا : يبلغ هذا القرار إلى الرئيس الأول للمحكمة العليا.
خامسا : ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
بهذا تداولت المحكمة الدستورية في جلستيها المنعقدتين بتاريخ 19 و 20 شعبان عام 1443 الموافق 22 و 23 مارس سنة 2022.
رئيس المحكمة الدستورية
عمر بلحاج
ليلى عسلاوي، عضوا،
بحري سعد الله، عضوا،
مصباح مناس، عضوا،
جيلالي ميلودي، عضوا،
أمال الدين بولنوار، عضوا،
فتيحة بن عبو، عضوا،
عبد الوهاب خريف، عضوا،
عباس عمار، عضوا،
عبد الحفيظ أسوکین، عضوا،
عمار بوضياف، عضوا،
محمد بوطرفاس، عضوا۔