إن المحكمة الدستورية
– بناء على الدستور
– وبمقتضى القانون العضوي رقم 22-19 المؤرخ في 26 ذي الحجة عام 1443 الموافق 25 يوليو سنة 2022 الذي يحدد إجراءات وكيفيات الإخطار والإحالة المتبعة أمام المحكمة الدستورية،
– وبمقتضى القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 والمتعلق بالبلدية المعدل والمتمم
– وبموجب المداولة المؤرخة في 23 ربيع الثاني عام 1443 الموافق 28 نوفمبر سنة 2021 والمتعلقة بقواعد عمل المحكمة الدستورية في مجال الدفع بعدم الدستورية، والمتضمنة العمل بالبابين الثاني والثالث من النظام المحدد لقواعد عمل المجلس الدستوري المؤرخ في 7 رمضان عام 1440 الموافق 12 مايو سنة 2019 المعدل والمتمم
– وبناء على قرار الإحالة الصادر عن مجلس الدولة (الغرفة الثالثة) تحت رقم الفهرس 00001/22 المؤرّخ في 15 يونيو سنة 2022 والمسجل لدى أمانة الضبط للمحكمة الدستورية بتاريخ 24 يوليو سنة 2022 تحت رقم 07/2022 والمتضمن الدفع بعدم دستورية المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 والمتعلق بالبلدية، المعدل والمتمم، لتعارضها مع المادة 41 من الدستور. أثاره السيد (أ.س) بواسطة محاميه الأستاذ (ب.ز) محام معتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة، والذي يدعي فيه عدم دستورية المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 والمذكور أعلاه، كونها تنتهك قرينة البراءة المكفولة بموجب المادة 41 من الدستور،
– وبناء على الإشعارات المرسلة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول، والأطراف بتاريخ 26 يوليو سنة 2022،
– وبعد الاطلاع على الملاحظات المكتوبة المقدمة من قبل السلطات والأطراف بصدد الحكم التشريعي المتمثل في المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 والمذكور أعلاه، المدعى بعدم دستوريته لتعارضه مع قرينة البراءة المكرسة بموجب المادة 41 من الدستور.
– وبعد الاستماع إلى العضو المقرر في تلاوته لتقريره المكتوب بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 26 أكتوبر سنة 2022،
– وبعد الاستماع إلى الملاحظات الشفوية للمدعي في الدفع (أ.س) في الجلسة العلنية بتاريخ 26 أكتوبر سنة 2022. التي أكد فيها ما تضمنته ملاحظاته المكتوبة، مجددا تمسكه على الخصوص بإثارة عدم دستورية المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 والمتعلق بالبلدية، المعدل والمتمم، كونها تتعارض مع المادة 41 من الدستور،
– وبعد الاستماع إلى الملاحظات الشفوية لممثل الحكومة في الجلسة العلنية بتاريخ 26 أكتوبر سنة 2022، التي أكد فيها أن الحكم التشريعي الوارد في المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011، والمتعلق بالبلدية، المعدل والمتمم، لا يمس بقرينة البراءة المنصوص عليها في المادة 41 من الدستور،
– وبعد المداولة
من حيث الإجراءات :
– حيث أن المدعي في الدفع (أ. س)، بصفته رئيسا للمجلس الشعبي البلدي لبلدية أعفير (ولاية بومرداس) منح رخصة استغلال مطعم مدرسي كائن بتراب البلدية، للسيد (ت. ف) من أجل إقامة عرس أخيه في المدرسة الابتدائية “محند أو عاشور”، وهذا بموجب قرار بلدي تحت رقم 1922-2019 مؤرخ في 13 غشت سنة 2019، مع تسخير طباخ وحارس المدرسة، وأن رخصة إقامة العرس كانت أثناء العطلة المدرسية،
– حيث أن مديرة المدرسة الابتدائية “محند أو عاشور” قدمت تقريرا في الموضوع لمدير التربية لولاية بومرداس نتج عنه تقديم شكوى من هذا الأخير أمام الجهة القضائية المختصة انتهت بإدانة المدعي في الدفع، رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية أعفير (ولاية بومرداس)، بجرم إساءة استغلال الوظيفة من قبل محكمة بومرداس، قسم الجنح،
– حيث أنه وبمجرد صدور الحكم الجزائي بالإدانة غيابيا بالحبس النافذ لمدة عامين وغرامة 100.000 دج، أصدر والي ولاية بومرداس قرارا تحت رقم 2309 بتاريخ 15 جانفي سنة 2020 يتضمن توقيف المحكوم عليه بصفته رئيسا للمجلس الشعبي البلدي لبلدية أعفير (ولاية بومرداس)،
– حيث أن قرار التوقيف الصادر عن والي ولاية بومرداس اعتمد بالأساس على مقتضيات المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 والمتعلق بالبلدية المعدل والمتمم،
– حيث أنه وبتاريخ 10 فبراير سنة 2020 رفع المدعي في الدفع (أ.س) دعوى إلغاء أمام المحكمة الإدارية ببومرداس بواسطة الأستاذ (م.ت)، محام معتمد لدى مجلس قضاء بومرداس،
– حيث أنه وبتاريخ الأول من شهر أبريل سنة 2020، قدم المدعي في الدفع مذكرة منفصلة أمام المحكمة الإدارية لولاية بومرداس بواسطة ممثله الأستاذ (ب.ز)، المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة، دفع من خلالها بعدم دستورية المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 والمتعلق بالبلدية، المعدل والمتمم، كونها تتعارض مع المادة 41 من الدستور.
– حيث أنه وبتاريخ 24 مايو سنة 2021، أصدرت المحكمة الإدارية لولاية بومرداس حكما قضت بموجبه بوقف الفصل في الدعوى المرفوعة أمامها لغاية الفصل في ملف الدفع، مع إحالة الملف على مجلس الدولة لاتخاذ الإجراءات اللازمة،
– حيث أنه وبتاريخ 15 يونيو سنة 2022، أصدر مجلس الدولة (الغرفة الثالثة) قرارا تحت رقم الفهرس 00001/22 قضى بموجبه في الشكل بقبول الدفع، وفي الموضوع بإحالة الدفع بعدم الدستورية على المحكمة الدستورية،
– حيث أن المحكمة الدستورية توصلت بقرار الإحالة الصادر عن مجلس الدولة (الغرفة الثالثة)، المذكور أعلاه وتم تسجيله لدى أمانة ضبط المحكمة الدستورية بتاريخ 24 يوليو سنة 2022، تحت رقم 07/2022
– حيث أن رئيس المحكمة الدستورية أشعر كلاً من السلطات المعنية قانونا والأطراف، محدّدا تاريخ 14 غشت سنة 2022 كآخر أجل لتقديم ملاحظاتهم المكتوبة،
– حيث أنّ رئيس مجلس الأمة أكد في ملاحظاته المكتوبة أنّ المقصود بالتوقيف هو تجميد عضوية المنتخب في المجلس الشعبي البلدي بصورة مؤقتة، ويرجع سبب التوقيف إلى حالة قانونية وحيدة ذكرت في نص المادة 43 من القانون المتعلق بالبلدية، تتمثل في المتابعة الجزائية التي تحول دون استمرار العضو المنتخب في ممارسة مهامه، كما أن التوقيف لا يعد إقصاء، بل هو عبارة عن إجراء تحفظي ومؤقت، وبالنتيجة فإن أحكام المادة 43 من القانون المتعلق بالبلدية لا تشكل أي مساس بقرينة البراءة موضوع المادة 41 من الدستور، وهو ما يجعل الدفع مردودا عليه لعدم التأسيس،
– حيث أن رئيس المجلس الشعبي الوطني أكد في ملاحظاته المكتوبة أن المادة 43 من القانون المتعلق بالبلدية لا تنتهك أي حق من الحقوق المضمونة في الدستور، وأنها لا تتعارض مع أحكام المادة 41 من الدستور التي أسست القرينة البراءة، كما أن التوقيف المؤقت لا يعد عقوبة وإنما هو مجرد إجراء أو تدبير تحفظي لا غير، الغرض منه إبعاد المنتخب المتابع قضائيا ريثما يصدر القرار النهائي عن الجهة القضائية المختصة، وحتى يتم الفصل في القضية الجزائية دون أدنى تأثير على جهة القضاء ممن يملك الصفة الإدارية. وبالنتيجة، فإن الدفع بعدم دستورية المادة المذكورة يفتقد للتأسيس،
– حيث أن الوزير الأول أكد في ملاحظاته المكتوبة أن مضمون المادة 43 من القانون المتعلق بالبلدية محل الدفع بعدم الدستورية تتعلق بتدبير تحفظي يتخذه الوالي تجاه المنتخب البلدي، وهو إجراء احترازي مؤقت، ولا يمكن اعتباره البتة بمثابة جزاء أو عقاب، خاصة وأن النص المذكور بيّن بشكل واضح جملة الأسباب الموجبة للتوقيف التحفظي كما أبرز الوزير الأول أن الغاية من الإجراء التحفظي هي المحافظة على الثقة التي وضعها الناخبون في أعضاء المجلس الشعبي البلدي حين انتخابهم، وانتهى إلى أن المادة 43 من القانون المتعلق بالبلدية لا تمس بأي حال من الأحوال، قرينة البراءة المصونة بموجب المادة 41 من الدستور، بما يجعل في النهاية دفع الحال غير مؤسس،
– حيث أن المدعي في الدفع تمسك في ملاحظاته المكتوبة بعدم دستورية المادة 43 من القانون المتعلق بالبلدية كونها تنتهك قرينة البراءة المكرسة في المادة 41 من الدستور.
من حيث الموضوع :
– حيث أن المدعي في الدفع (أ.س) دعم دفعه بعدم دستورية المادة 43 من القانون المتعلق بالبلدية من خلال مذكرة منفصلة أودعها لدى أمانة ضبط المحكمة الدستورية بتاريخ 14 غشت سنة 2022، أضاف فيها أن المادة 41 من الدستور تنص على أنّ: “كل شخص يعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية إدانته في إطار محاكمة عادلة”. وهو ما يتعارض مع ما ورد في المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 والمتعلق بالبلدية، المعدل والمتمم، المعتمد عليها في قرار التوقيف،
– حيث أن المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011، المعدل والمتمم والمذكور أعلاه، تنص على أنه: “يوقف بقرار من الوالي كل منتخب تعرض لمتابعة قضائية بسبب ارتكابه جناية أو جنحة لها صلة بالمال العام، أو لأسباب مخلة بالشرف، أو كان محل تدابير قضائية لا تمكّنه من الاستمرار ممارسة عهدته الانتخابية بصفة صحيحة، إلى غاية صدور حكم نهائي من الجهة القضائية المختصة.
في حالة صدور حكم نهائي بالبراءة، يستأنف المنتخب تلقائيا وفوريا ممارسة مهامه الانتخابية”.
– حيث أن إجابات السلطات العمومية (رئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول) اتحدت جميعها على أن قرار التوقيف ما هو إلا مجرد تدبير إداري ولا يعد بأي حال من الأحوال، عقوبة حتى يتنافى مع قرينة البراءة. وبالنتيجة، تعد المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 المعدل والمتمم والمذكور أعلاه، دستورية،
– حيث أنه ولئن كان من اختصاص البرلمان التشريع في الميادين التي خصصها له الدستور، لا سيما تلك المحدّدة في المادة 139 من الدستور، فإنه يعود للمحكمة الدستورية وحدها إقرار مدى دستورية الحكم التشريعي بعد إخطارها رسميا من الجهات المخولة دستوريا،
– حيث أن موضوع الدفع يتعلق بحكم تشريعي وارد في قانون البلدية يخوّل والي الولاية، باعتباره ممثلا للدولة، سلطة توقيف المنتخب البلدي إذا كان محل متابعة جزائية ريثما تفصل الجهة القضائية المختصة في الواقعة المنسوبة إليه بموجب حكم نهائي،
– حيث أن قرينة البراءة المنصوص عليها في المادة 41 من الدستور، مكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من شهر سنة 1948 ديسمبر بموجب المادة 11-1 منه، والذي صادقت عليه الجزائر بموجب المادة 11 من دستور 1963. ومكرّسة أيضا في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 المادة 14-2 منه، والذي صادقت عليه الجزائر بمقتضى المرسوم الرئاسي رقم 89-167 المؤرخ في 11 شوال عام 1409 الموافق 16 مايو سنة 1989،
– حيث أنه لا يراود المحكمة الدستورية أدنى شك أن التوقيف المؤقت أو الاحترازي للمنتخب البلدي موضوع المادة 43 من القانون المتعلق بالبلدية، لا يمثل بأي حال من الأحوال، عقوبة أو جزاء حتى يثير المدعي في الدفع تعارضها مع المادة 41 من الدستور، بل الأمر لا يخرج عن كونه مجرد إجراء إداري مؤقت فرضته مقتضيات حسن سير العمل الإداري ليس إلاّ، حيث لا يمكن تصور مباشرة إجراءات المتابعة الجزائية لرئيس مجلس شعبي بلدي، دون توقيفه، واحتفاظه بصفته التي تمكنه من مباشرة جميع الصلاحيات سواء باعتباره ممثلا للدولة، أو ممثلا للبلدية، أو كجهة تنفيذية للمجلس الشعبي البلدي،
– وبالنتيجة، فإن المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011 والمتعلق بالبلدية، المعدل والمتمم، لا تتعارض البتة مع مقتضيات المادة 41 من الدستور، بما يتعين التصريح بدستوريتها.
لهذه الأسباب
تقرر ما يأتي :
أولا : التصريح بدستورية المادة 43 من القانون رقم 11-10 المؤرخ في 20 رجب عام 1432 الموافق 22 يونيو سنة 2011, والمتعلق بالبلدية، المعدل والمتمم.
ثانيا : يُعلم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني والوزير الأول بهذا القرار.
ثالثا : يُبلغ هذا القرار إلى رئيس مجلس الدولة.
رابعا : ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
بهذا تداولت المحكمة الدستورية في جلساتها المنعقدة بتواريخ 23 و 29 ربيع الأول وأوّل ربيع الثاني عام 1444 الموافقة 18 و 25 و 26 أكتوبر سنة 2022.
رئيس المحكمة الدستورية
عمر بلحاج
– ليلى عسلاوي، عضوا
– بحري سعد الله، عضوا
– مصباح مناس، عضوا
– جيلالي ميلودي، عضوا
– فتيحة بن عبو، عضوا
– عبد الوهاب خريف، عضوا
– عباس عمار، عضوا،
– عبد الحفيظ أسوكين، عضوا
– عمار بوضياف، عضوا
– محمد بوطر فاس، عضوا